الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **
فمن الحوادث فيها أنـه فـي ثالـث صفـر فـوض إلـى اليـزدي تدريـس مشهـد ابـي حنيفـة فمضى ومعه حاجب من الديوان فـدرس هنـاك وفـي ثامـن صفـر: عبـر العيـارون مـن الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي الى الحاج وقـد تحصنـوا بالبيـوت داخـل البلـد فأخـذوا اموالهـم وانحـدروا فـي السفـن يضربـون الطبـل ولـم يطلبوهم ثم وقع منهم اقوام فظهرعليهم شيء يسير وفي ثالث ربيع الأول: جاء المكيون بخرق البحر والهدايا كما جرت العادة والطبول بين ايديهم وكـان معهـم ثلاثـة افـراس وبغلـة وانطـع مـن الـأدم ومضوا إلى الديوان وفي ربيع الآخر: خرج الخليفة إلى الصيد وفي جمادى الأولى: وقعت حادثة عظيمة للنصارى تعدى ضررها إلى المسلمين وذلك انه خطـب ابـن مخلـد النصرانـي إلـى ابـن التلميـذ ابنتـه فامتنـع ابـن التلميـذ والتجـأ مخلـد إلـى الجـاه واخـذ مـن غلمان الباب والفراشين جماعة فأحضر الجاثليق واستاذ الدار البنـت فأذنـت فعقـدوا عليهـا وحملوهـا إلـى ابـن مخلـد فشكـا ابـن التلميذ إلى الخليفة فأخذ ابن مخلد وعوقب مائة خشبة وفرق بينه وبين الزوجة ووكل بالجاثليق بالديوان واخرج من كاتب حكيم من الدار لانه كان مع القوم وضرب صاحـب الخبـر فـي البـاب ضربـًا عجيبـًا لانـه قصـر فـي العقوبـة وحطـت مرتبـة حاجـب البـاب عـن منزلتـه وجعـل نائبـًا لا يجلـس علـى مخـدة ولا بيـن يديـه دواة وفوضت العلامة في الكتب إلى ابن البراج فلا تشهد الشهود الا في كتاب فيه علامته وفي ذي القعدة: وردت الاخبار بوقوع زلازل كثيرة بالشام وقع منها نصف حلب ويقال هلك من اهلها ثمانون الفًا. أحمد بن صالح بن شافع أبو الفضل الجيلي ولـد سنـة عشريـن وخمسمائة وقرأ القرآن وسمع الحديث من ابي غالب ابن البناء وأبي عبد الله ابن السلال والارموي ويحيى بن ثابت وأبي الوقت وغيرهم وقرأ على ابن ناصر معظم حديثه وشهد وتوفي في شعبان هذه السنة ودفن على أبيه في دكة الإمام احمد أحمد بن عمر بن محمد بن لبيدة أبوالعباس الأزجي قـرأ القـرآن وسمـع مـن ابـن الحصين وابن خيررن والقزاز وابن السلال وغيرهم وكان فيه خير خرج إلى مكة فتوفي في الطريق ودفن بزبالة في هذه السنة.الحسين بن محمد أبو المظفر ابن السبيبي عامـل قوسـان.حبـس مديـدة ثـم قطعـت يـده ورجلـه وحمـل إلى المارستان فتوفي في محرم هذه السنة وكان أديبًا لطيفًا له شعرحسن ومما قال من الشعر يتشوق أهله: سلام على اهلي وصحبي وجلاسي ** ومن في فؤادي ذكرهم راسب راسي أحبة قلبـي قـل صبـري عنكـمُ ** وزاد بكم وجدي وحزني ووسواسي اعالج فيكـم كـل هـم ولا أرى ** لداء همومي غير رؤيتكم آسي خذوا الواكف المدرار من فيض ادمعي ** وحر لهيب النار من كرب أنفاسي أقول لقلبي والهموم تنوشه ** وقد حدثته النفس بالصبر والياس وكيف اصطباري عنكمُ وتجلدي ** على فقدكم ويلي على قلبي القاسي ومن لي بطيف منكم أن يزورني ** على الليلة الليلاء في جنح ديماس طاووس أم المستنجد توفيت في يوم الثلاثاء سابع عشر شعبان وحملت إلى الترب بالرصافة وكان الوزير وأستاذ الدار قائمين وأرباب الدولة في السفن قيامًا إلى أن حملت. فمن الحوادث فيها أنـه وقع حريق عظيم في درب المطبخ ثم في سويقة خرابة ابن جردة ثم ارجف على الخليفة بالمرض لانه انقطع عن الركوب ثم ركب وتصدق بالخبز والبقر وعملت دعوة في دار البدريهَ وخلعت الخلع وضربت الطبول للبشارة بسلامته وجاءت خرق البحر مع المكيين على عادتهم وبيـن يديهـا الطبـول والهدايـا ثـم مرض المستنجد باللّه فلما اشتد مرضه كان الاتراك يحفظون البلد مديـدة ثـم توفـي ففتحـت الحبـوس وأخـرج مـن فيها وما زالت الحمرة الكثيرة عند مرض المستنجد ترمي ضوءها على الحيطان مثل شعاع الشمس. واسمه: الحسن بن يوسف المستنجد بالله ويكنى: أبا محمد وأمه أرمنية تدعى: غضة ولد فـي سـادس شعبان سنة ست وثلاثين وخمسمائة ولم يتول الخلافة من اسمه الحسن ويكنى أبا محمد إلا الحسن بن علي وهو فقد اشتركا في الاسم والكنية والكرم كان له من الولد: أبو العباس أحمد وهو الذي تولى الخلافة بعده وابو منصور هاشم. بويـع المستضـيء بأمـر اللـه يـوم توفـي المستنجـد البيعـة الخاصة بايعه أهل بيته وبعث إلى الوزير ابن البلدي ان احضر البيعة فلما دخل دار الخلافة وكان في ولايته قد قطع أنف امرأة ويد رجل بجناية جرت منهما وكان ذلك بتقدم فسلم إلى أولياء القوم ذلك اليوم فقطعوا أنفه ثم يده ثم ضرب بالسيوف وألقي في دجلة وتولى ذلك استاذ الـدار ابـن رئيـس الرؤسـاء ثـم جلـس المستضـيء بأمـر اللـه بكـرة الأحـد تاسـع ربيـع الآخـر فـي التـاج فبايعه الناس وصلى في التاج يومئذ على المستنجد ونودي برفع المكوس وردت مظالم كثيرة واظهر من العدل والكرم ما لم نره من اعمارنـا واستـوزر استـاذ الدار وجلس لعزاء المستنجد بذاته ثلاثة ايام وتكلمت في تلك الأيام في بيـت النوبـة ثـم اذن للوعـاظ فـي الوعـظ بعـد أن كانـوا قـد منعـوا مـدة وفـرق الامـام المستضـيء بأمـر اللـه مـالا عظيمـًا علـى الهاشميين والعلويين والعلماء والاربطة وكان دائم البذل للمال ليس له عنده وقع وخلع على ارباب الدولة والقضاة والجند وجماعة من العلماء وحكى خياط المخزن انه فصـل الفًا وثلثمائة قباء ابريسم وخطب له على منابر بغداد يوم الجمعة رابع عشر ربيع الاخر ونثـرت الدنانيـر كمـا جـرت العـادة وولـي روح بـن أحمد الحديثي قضاء القضاة يوم الجمعة رابع عشر ربيـع الآخـر وولـي يومئـذ أبـو المحاسـن عمـر بـن علـي الدمشقـي الحكـم بنهر معلى وولي ابن الشاشي النظامية فمضى الدعاة بين يديه. وفـي هذا الشهر: عزل ابن شبيب مشرف المخزن وولي مكانه أبو بكر ابن العطار وجعل ابن شبيـب وكيـلًا ببـاب الحجـرة وولـي مـن الامـراء المماليـك نحـو سبعـة عشـر اميـرًا وقـدم فخر الدولة ابن المطلب إلى بغداد وكان مقيمًا بمشهد علي عليه السلام وردت عليه املاكه وولي ابن البخاري الديـوان. وكسـف القمـر ليلـة النصـف مـن جمـادى الأولـى وهـذا عجـب لـان عادتـه الانكسـاف فـي ليلة الرابـع عشـر. وفـي يـوم الجمعـة العشريـن مـن جمـادى الأولـى: خلـع علـى الوزيـر الخلـع التامة ومشى بين يديه قيماز وقاضىِ القضاة وغيرهما. اقول وقد تولى الأمر خير ** ولي لم يزل برًا تقيا وقد كشف الظلام بمستضيء ** غـدا بالخلـق كلهم حفيا وفاض الجـود والمعـروف حتـى ** حسبناه حبابـا أو أتيـا بلغنـا فـوق ماكنا نرجي ** هنيئأ يا بني الدنيا هنيا سألنـا اللـه يرزقنـا إمامًا ** تسر به فأعطانا نبيا وقال أيضًا: يا امام الهدى علوت عن الجـو ** د بمـال وفضـة ونضـار فوهبت الاعمـار والأمـن والبـا ** دان في ساعة مضت من نهار فبمـاذا اثنـي عليـك وقد جا ** وزت فضل البحور والامطار انمـا أنـت معجز مستمر ** خارق للعقول والأفكار جمعت نفسك الشريفة بين الب ** اس والجود بين ماء ونـار واحتجب الخليفة عن اكثر الناس فلم يركب الا مع الخدم ولم يدخل اليه غير قيماز وجلس الوزيـر فـي الديـوان يـوم الجمعـة وأجلـس عـن يمينـه ابـن الشاشـي وكانـت العـادة ان اليميـن لأصحـاب ابـي وقبض في يوم الجمعة خامس عشرين جمادى الأخرة على أحمد الفوي وابنه وسعد الشرابي واخـذت مدرسـة كانـت للحنفيـة وقـد كانـت قديمًا للشافعية وهي بالمرضع المسمى بباب المدرسة على الشط وقد حضرت فيها مناظرة يوسف الدمشقي وبيده كانت وآل أمرها إلى ان سلمت إلى محمد البروي فدرس فيها وحضر قاضي القضاة وشيخ الشيوخ وحاجب الباب ومدرس النظامية وابن سديد الدولة كاتب الانشاء. وشـرع فـي نقـض الكشـك الـذي عمله المستنجد ليعمل بآلته مسناة للسور فتراجف الناس بمجيء العسكـر فاحتـدت سـوق الطعـام. وفـي رجـب: ولـي ابن ناصر العلوي التدريس بمدرسة السلطان التي كان فيها اليزدي فحضر درسه قاضي القضاة وغيره. وفي يوم السبت رابع عشرين الشهر: ولي الأمير السيد العلوي التدريس بجامع السلطان مكان اليـزدي وفـي هـذه الأيـام وهـى أمـر أبـي بكـر ابـن العطـار والسبب انه كان ينافس صاحب المخزن فانقطع عن المخزن وقيل انه اخذت الوكالة منه وفي غرة شعبان: بعث يزدن مع جماعة من العسكر إلى واسط ليردوا ابن سنكا عن البلاد. وفـي ثامنـه نقضـت الـدور التـي اشتراهـا قيماز ليعملها دارًا كبيرة وكان من جملتها دار ابن الطيبي وكانت بعيدة المثل قد غرم عليها ألوفًا فأعطى منها ألفًا وكذلك اخذ ما حولها من الدور وجـرى في سابع شعبان بين أهل المأمونية وباب الازج فتنة بسبب السباع انتهبت فيها سويقة البزازين وفي عشية الإثنين ثامن عشرين شعبان: نقل تابوت الخليفة من الدار إلى الترب وفـي نصـف رمضـان: هبـت ريـح عظيمـة ورعـدت السمـاء بقعقعـة لـم يسمـع بمثلها فخر الناس على وجوههـم وكـان للوزيـر طبـق جميـل طـول الشهـر وكـان الذي يحضر فيه من الخبز كل ليلة الف رطل وأربعمائة رطل حلاوة سكر وفرق أمير المؤمنين مصاحف كانت في الدار على جماعة فبعث إلي مصحفًا مليح الخط كثير الاذهاب. وفي سلخ شوال: جلس أمير المؤمنين للرسل الذين جاءوا من همذان وغيرها فبايعوه. أبو طاهر بن البرني الواعظ تعلـم الوعظ من شيخنا ابي الحسن الزاغوني وسمع الحديث وكان يعظ وتوفي في محرم هذه السنة ودفن بمقبرة احمد النفيس بن صعوة قرأ القرآن وتفقه على الشيخ ابي الفتح ابـن المنـى وناظـر ووعـظ ثـم اختضـر فـي شبابـه فتوفـي فـي يـوم أبو نصر بن المستظهر عم المستنجد وحموه لان المستنجد تزوج ابنته ولم يبق من اولاد المستظهر غيره وكان يذكر عنه الخير وصلي عليه صبيحة الثلاثاء ثامن عشرين في القعدة بصحن السلام وحمل الى الترب ومعه الوزير وارباب الدولة الا انهم كانوا جلوسًا.يوسف المستنجد باللّه أمير المؤمنين بن المقتفي لأمر الله توفـي يـوم الثلاثـاء بعـد الظهـر ثامن ربيع الأخر من سنة ست وستين وخمسمائة وحضرت الصلاة يـوم الاحـد قبـل الظهـر في التاج ودفن في الدار وبلغ من العمر ثمانيًا وأربعين سنة وكانت ولايته إحدى عشرة سنة وشهرًا يحيى بن ثابت بن بندار أبو القاسم سمـع الحديـث مـن أبيـه وغيـره وروى لنا صحيح الإسماعيلي عن أبيه عن البرقاني عن الإسماعيلي وتوفي في يوم الأحد خامس ربيع الأول من هذه السنة.
فمن الحوادث فيها أنه في المحرم أعطي ابو منصور ابن المعلم مدرسة السلطان محمود التي كـان فيهـا اليـزدي وأستناب فيها ابا الفتح ابن الزني وحضر جماعة من الفقهاء فافتتح التدريس بأن قال قالت طائفة من الاصوليين بأن الله ليس بموجود فنفر الحاضرون من هذا وذكر مسألة من الفروع خلافيـهَ للشافعـي فلـم يذكر الشافعـي فوصـل الخبـر الـى الوزيـر فاحضـره وامـر بـأن يحضر بوقة السواد وحمار ليشهر عليه في البلد وقال: ما وجدت في العلوم الا هذا فسأل فيه ابن المعلم فأفرج عنه. ووصل يوم السبت ثاني عشرين المحرم: ابن أبي عصرون رسولًا يبشر بأن الخليفة خطب له بمصر وضرب السكة باسمه وعلقت اسواق بغداد وعملت القباب وخلع على الرسول وانكمد الروافض وكانت مصر يخطب لهم بها الى هذا الاوان فكان مدة مملكه بني عبيد لها وانقطاع خطبـة بنـي العبـاس الـى ان اعيـدت مائتـي أسنـة وثمانـي سنيـن. قـال المصنـف وقـد صنـف في هذا كتابًا سميته النصر على مصر وعرضته على الامام المستضيء بأمر الله امير المؤمنين. وفـي ربيع الأول: خرج الخادم صندل ومعه القاضي الدمشقي صحبة ابن ابي عصرون برسالة الى نور الدين بالشام. وفـي هـذه الأيـام: فتـح قيمـاز بابًا من داره التي بدار الخليفة الى السوق مما يلي دكاكين الاساكفة ونصب عليه بابًا من حديد فأنكر ابو بكر ابن العطار صاحب المخزن ذلك وحسن للخليفة التقدم بسدة فتقدم بذلك وفـي يـوم الجمعـة منتصـف جمـادى الأولـى: جعـل للشيـخ ابـن المنـى حلقـة فـي الجامع فجلس فيها ولم يبن فيها دكة وفي صبيحة الثلاثاء العشرين من جمادى الأولى: أصبحت الدنيا شديدة البرد وسقط الوفرعلى الناس نهارًا الى وقت الظهر الا انه كان خفيفًا وفـي يـوم الأربعـاء غـرة رمضـان: تكلمـت فـي مجلسـي بالحلبـة فتـاب على يدي نحو من مائتي رجل وقطعت شعـور مائـة وعشريـن منهـم. وقـدم فـي هـذه الايـام محمـد الطوسـي الواعـظ وفـي رأسـه حلـق مشدودة وطوق وحواليه جماعة بسيوف فمضى الى الوزير فأنكر عليه ذلك ومنع من حمل السلاح معه. وفي يوم الأحد عاشر شوال: دخل نجاح الخادم على الوزير ابن رئيس الرؤساء ومعه خط من الخليفة يذكر أنه قد استغنى عنه فأمر بطبق دواته و حل ازاره وقيامه من مسنـده ففعـل ذلـك وقبـض علـى ولـده استاذ الدار وأفرج عن سعد الشرابي وأعيد عليه ما كان أخـذ منـه وفـي صبيحـة الثلاثـاء دار الوزيـر ودار ولده فأخذ منها الكثير وفي ثاني عشر شوال استنيب صاحب المخزن ابن جعفر في الوزارة وفـي سابـع عشـر شـوال: وقـع حريـق عظيـم فـي السـوق الجديـد مـن درب حديـد الـى قريـب مـن عقد الجديـد احترقـت فيـه الدكاكيـن مـن الجانبيـن وفيـه: فـوض الـى ابـن المعلـم مـدارس الحنفية يرتب فيها من يشاء وفي سادس عشرين ذي الحجة وصلت رسل ملك البحرين وكيش بهدايا فيها الواح صندل وآبنوس وطيب وناب فيل. عبد اللّه بن أحمد بن أحمد بن أحمد أبو محمد الخشاب قرأ القرآن وسمع الحديث الكثير وقرأ منه ما لا يحصى وقرأ النحو واللغة وانتهى علمها اليه ومرض في شعبان هذه السنة نحو عشرين يومًا فدخلت عليه فى مرضه وقد يئس من نفسه فقـال لي عند اللهّ احتسبت نفسي. وتوفي يوم الجمعة ثالث رمضان وصلى عليه بباب جامع المنصـور يـوم السبـت ودفـن بمقبـرة احمدقريبـًا مـن بشـر وحدثنـي عبـد اللـه الحيانـي العبـد الصالح قال رأيته فى النوم بعد موته بأيام ووجهه منير مضيء فقلت ما فعل الله بك قال غفر لي قلت وأدخلك الجنة قال وادخلني الجنة الا انه اعرض عني قلت اعرض عنـك قـال. نعـم وعـن جماعة من العلماء تركوا العمل محمد بن محمد بن محمد أبو المظفر البروي تفقه على محمد بن يحيى وناظر ووعظ وقدم بغداد فجلس للوعظ في أول ولاية المستضيء واظهـر مذهـب الأشعـري وتعصـب علـى الحنابلـة وبالـغ فأخـذه قيـام الـدم فـي رمضـان هـذه السنـة في يوم.وتوفي ودفن في تربة أبي اسحاق الشيرازي ناصر الخويي كان متصوفًا مقامه بمحلة التوثة ثم انتقل فأقام بجامع المنصور وكان يمشي في طلب الحديث حافيًا وتوفي فصلى عليه بجامع المنصور ودفن فى التوثة. إني عقدت المجلس يوم عاشوراء بجامع المنصور فحضر من الجمع ما حزر بمائة الف. وفـي صفـر: جرت حادثة عجيبة وهو أن خادمًا سلم الى غلام له مائة وخمسين دينارًا ومضى الـى الحمـام فأخـذ الغلـام المال وانحدر في الحال الى النعمانية فلما خرج الخادم لم ير الغلام فأخذ معه غلاما تركيا من أصحاب قيماز وانحدر فوجد الغلام فأخذه وأخذ الغلام وقيده وتركه معـه فـي السفينـة ليصعـد بـه الـى بغـداد ثـم ان الخادم نام فسأل الغلام التركي ان يحل يديه من القيد لمـا يلقـى مـن الالـم فحلـه التركـي وقـام فزحـف وقتـل الخـادم وغلامًا كان معه فنهض اليه التركي فقتله ثم جاء بالمال فتسلمه أصحاب التركات وفي هذا الشهر: قدمت خرق البحر مع المكيين كما جرت العادة وفـي هـذه الأيـام: زاد الارجاف بمجيء العسكر من باب همذان فغلت الاسعار وأخذ الخليفة في التجنيد وعمارة السـور وجمـع الغلـات وعـرض العسكـر وفـي هـذه الأيـام: شـرع فـي ختـان السـادة وفرقت خلع كثيرة وعمل من المطاعم ما لا يحد فذكر أنه ذبح ثلاثة آلاف دجاجة وألف رأس من الغنم وعملت احـدى وعشـرون الـف خشكنانكـة من ستين كارة سميذًا وشرع في عمارة دواليب على الشط قريبًا من التاج فأحكمت. وفي ربيع الآخر: درس ابن فضلان في المدرسة التي عملها فخر الدولة ابن المطلب عند عقد المأمونية وبنيت له دكة في جامع القصر. وفي جمـادى الأولـى: جـاء بـرد لـم يسمـع بمثلـه وكـان فـي كانـون الـاول حتـى جمـدت ميـاه الآبـار واستمـر ذلك الى نصف كانون الثاني. ومن الحوادث: أن بعض الامراء سأل الخليفة أن يأذن لأبي الخير القزويني فـي الوعـظ ببـاب بـدر ليسمعـه أميـر المؤمنيـن وأراد أن يخـص بهـذا دون غيـره فتكلـم هنـاك يـوم الخميس غرة رجب. فلمـا كـان يـوم الثلاثـاء سادس عشرين رجب تقدم لي بالجلوس هناك واعطيت مالًا واخذ الناس أماكن من وقت الضحى للمجلس بعد العصر وكانت ثم دكاك فاكتريت حتى ان الرجل كان يكتري موضع نفسه بقيراطين وثلاثة وكنت اتكلم اسبوعًا والقزويني أسبوعًا الى آخر رمضان وجمعي عظيم وعنده عدد يسير ثم شاع ان أمير المؤمنين لا يحضر الا مجلسي. وزادت دجلـة في ائل شعبان ثم تربى الماء فيها فلما كان الاثنين عاشر شعبان عظمت الزيادة فأسكرت المحال ووصل الماء الى قبر الامام احمد ودخل مدرسة أبي حنيفة ودب من الحيطان الى النظاميـة والـى ربـاط أبـي سعـد الصوفـي واشغـل النـاس بالعمـل فـي القـورج وتقـدم مـن الديـوان الـى الوعاظ بالخروج مع العوام ليعمل الناس كلهم ثم من الله بنقص الماء فىِ مفتتح رمضان. ووقع الحريق من باب درب بهروز الى باب جامع القصر ومن الجانب الأخر من حجرة النخاس الى دار الخليفة وتغير ماء دجلة باصفرار وثخن الماء فبقي على هذا مدة. وفـي شعبـان: مـرت ريح سوداء أظلمت الدنيا فتقدم الي بالجلوس بباب بدر يوم عرفة فحضر النـاس مـن وقـت الضحـى وكـان الحر شديد ًا والناس صيام. وكان من أعجب ما جرى ان حمالًا حمل على رأسه دار نوبة من قبل الظهر الى وقت العصر ظلل بها من الشمس عشرة أنفس فأعطوه خمسة قراريط واشتريت مراوح كثيرة بضعفي ثمنها وصاح رجل يومئذ قد سرق الان مني مائة دينار في هذه الزحمة فوقع له أمير المؤمنين بمائة دينار وفي ذي الحجة: عزل نقيب النقباء ابن الابقى وولى مكانه ابن الزوال. أحمد بن سالم بن أحمد أبو العباس الشحمي قـرأ القـرآن وأقـرأ وصنـف كتابـًا فـي المتشابـه كبيـرًا و سمـع مـن الزرفـي وغيـره وتوفـي في محرم هذه السنة ودفن في مقبرة الفيل من باب الأزج. أبو المعالي الكتبي كان فاضلًا يقول الشعر المليح والنثر الجيد وله رسائل ومدائح وكان من الذكـاء علـى غايـة أبو الفتح ابن الزني كان متفقها على مذهب أبي حنيفة وكان عاملا على ديوان المقاطعات فتوفي في غرة ذي الحجة من هذه السنة ودفن بباب أبرز وكان له امرأة يهودية وابن اخ مسلم فكتب جميع ماله لليهودية وترك ابن اخيه المسلم فاجتلب من الناس ذما كثيرًا يزدن التركي كـان مـن كبـار الأمـراء وتحكم في هذه الدولة وتجرد للتعصب في المذهب فانتشر بسببه الرفض وتـأذى اهـل السنـة فمـرض أياما بقيام الدم. وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ودفن في داره بباب العامة ثم نقل الى مقابر قريش. فمن الحوادث فيها انه وقع حريق بالظفرية في ليلة الاربعاء ثالث المحرم فاحترقت مواضع كثيرة وما زالت النار تعمل الى الفجر. وفي يوم الجمعة: جلست في جامع المنصور فحزر الجمع بمائة الف وتكلم يومئـذ محمد الطوسي في التاجية وكان فيما قال ان ابن الملجم لم يكفر بقتل علي عليه السلام فهاج الناس عليه ورموه بالآجر وخرج من المجلس والاتراك يحفظونه فلما كان في يوم مجلسه بالتاجية فرش له فاجتمع الناس في الصحراء متأهبين لرجمه وجاءوا بقوارير النفط فلم يحضر ومزق فرشه قطعًا وتقدم اليه ان لا يجلس ولا يخرج من رباطه وما زال أهل البلد على حنق عليـه ثـم منـع الوعـاظ كلهـم مـن الوعـظ فـي يـوم الاثنيـن حـادي عشريـن المحـرم ثـم بعث الى النائب فىِ الديـوان فقـال قـد تقـدم الي ان الخير ثلاثة انت ورجل من الشافعية ورجل من الحنفية وذلك في سادس صفر فتكلمنا ثم اطلق الوعاظ واحدًا بعد واحد. ورأينا في هذه السنـة الحـر فـي تمـرز وآب مـا لـم نـره فـي أعمارنـا وكـان الحـاج حينئـذ فـي سفـر الحجـاز فأخبروا حين قدموا أنهم كانوا يتأذون بالبرد. وتغير الهواء ببغداد بدخول أيلول فأصاب الناس نزلـات وسعال فقل أن ترى أحدًا إلا وبه ذلك وانما كان العادة ان يصيب بعض الناس وهذا كان عامًا. وفي ربيع الأول: وقعت صاعقة في نخلة بالجانب الغربي فاشتعلت النخلة. وسألنـي أهـل الحربيـة ان اعقـد عندهـم مجلسـًا للوعـظ ليلـة فوعدتهـم ليلـة الجمعة سادس عشر ربيع الاول فانقلبت بغداد وعبر أهلها عبورًا زاد على نصف شعبان زيادة كثيرة فعبرت إلى باب البصرة فدخلتها بعد المغرب فتلقاني أهلها بالشموع الكثيرة وصحبني منها خلق عظيم فلما خرجت من باب البصرة رأيت أهل الحربية قد أقبلوا بشموع لا يمكن إحصاؤها فأضيفت إلى شموع أهل باب البصرة فحزرت بألف شمعة فما رأيت البرية إلا مملوءة ضوءًا وخرج أهل المحال الرجال والنساء والصبيان ينظرون وكان الزحام في البرية كالزحام في سوق الثلاثاء فدخلت الحربيـة وقـد امتلأ الشارع واكتريت الرواشن من وقت الضحى فلو قيل ان الذين خرجوا يطلبون المجلـس وسعـوا فـي الصحـراء بيـن بـاب البصـرة والحربيـة مـع المجتمعيـن فـي المجلـس كانـوأ ثلثمائـة ألـف مـا أبعد القائل. وفـي ربيـع الأول: وقع الامير أبو العباس ابن الخليفة من قبة عالية إلى أرض التاج وأوجب ذلك وهنًا في البدن وسلمه الله سبحانه. وفي هذا الشهر: ختن الوزير ابن رئيس الرؤساء أولاده وعمـل الدعوة العظيمة وانفذ إلي أشياء كثيرة وقال هذا نصيبك لأني علمت أنك لا تحضر في مكـان يغنـي فيـه. وفـي ربيـع الأخـر: جـرت مشاجـرة بيـن الطوسـي وبيـن نقيـب النقبـاء فقـال الطوسي أنـا نائـب النقابـة وأنـا نائـب اللـه فـي أرضـه فاستخـف بـه النقيـب وقـال إنمـا نائـب اللـه في أرضه الامام صلـوات اللـه عليـه فرفـع ذلـك فأمـر باخراجـه مـن البلـد فأخرج يوم الخميس رابع عشرين ربيع الآخر فسئـل فيـه فأقـام بالجانـب الغربـي مديـدة ثـم سئـل فيـه فدخـل الحريـم ثـم سئـل فيـه فأعيـد إِلـى المجلس وكان المتعصب له ريحان الخادم.
وفـي جمادي الآخرة: اعتقل الفقيه في الديوان أيامًا وكان قد سعى به انه يرى رأي الدهرية ولا يصلـي ولا يصـوم وتعصـب لـه قـوم فتركـوه فأخرج. وفي رجب: وصل ابن الهروىِ رسولًا من نور الدين بتحف كثيرة وفيها ثياب من ثياب المصريين وحمار كأن جلده الثوب العتابي. وفي يوم الاربعاء تاسع عشرين رجب: عزل ابن الشاشي من التدريس بالنظامية وولي مكانه أبـو الخيـر القزوينـي. وورد بغـداد فـي شعبـان هـذه السنـة بـأن ابـن أخـي شملـة التركمانـي ويعرف بابن سنكـا قـد استحـدث قلعـة فـي ولايـة باذرايـا بقـرب من قلعة الماهكي ليتخذها ذريعة إلى الاغارة على البلاد ونقل إليها فبعث السلطان إليه الجيوش فالتقوا فحمل بنفسه عليهم فطحن الميمنة فتقـدم قيماز العميدي إلى الأمراء فحثهم على خوض الماء إليه وكان قد فتح البثوق يحتج بها فخـاض قيمـاز ومعـه جماعـة قوائـم ثم اقتتلوا وأسر ابن سنكا ثم قتل وجيء برأسه فعلق بباب النوبـي وهدمـت القلعـة ثـم جـاء رسـول شملـة ومعه حمل يبذل الطاعة ويعتذر مما جرى فلم يلتفت إليه. وفـي غـرة رمضـان: زادت دجلـة زيـادة كثيـرة ثـم تفاقـم الأمـر فـي سابـع رمضـان وجـاء مطـر كثير في ليلـة الجمعـة ثامـن رمضـان ووقـع فـي قـرى حـول الحظيـرة وفـي الحظيرة برد ما رأوا مثله فهدم الدور وقتل جماعة من الناس وجملة من المواشي وحدثني بعض الثقات انهم وزنوا بردة فكان فيها سبعة أرطال قال وكانت عامته كالنارنج يكسر الاغصان وساخت الدور ثم زاد الماء في يوم الاحد عاشر رمضان فزاد على كل زيادة تقدمت منذ بنيـت بـذراع وكسـر وخـرج النـاس وضربوا الخيم على تلال الصحراء ونقلوا رحالهم إلى دار الخليفة ومنهم من عبر وتقدم بالعوام يخرجوا بالوعاظ إلى القورج ليعملوا فيه فخرجنا وقد انفتح موضع فوق القورج بقرية يقال لها الزور تقية وجاء الماء من قبله فتداركه الناس فسدوه وبات عليهم الجند وتولى العمل الأمير قيمـاز بنفسـه وحـده ثم انفتح يومئذ بعد العصر فتحة من جانب دار السلطان وساح الماء فملأ الجواد ثم سد بعد جهد وبات الناس على اليأس يضجون بالبكاء والدعاء ثم نقص الماء نحو ذراعيـن فسكـن النـاس وغـلا السعـر فـي تلـك الأيام فبيع الشوك كل باقة بحبة والخبز الخشكار كل خمسـة أرطـال بقيـراط ودخـل نزيـز المـاء مـن الحيطـان فمـلأ النظاميـة والتتشية ومدرسة أبي النجيب وقيصـر وجميـع الشاطئـات ثـم وصـل النزيـز إلـى ربـاط أبـي سعـد الصوفـي فهدمت فيه مواضع وإلى درب السلسلـة ومـن هـذه المواضـع مـا وقـع جميعه ومنه ما تضعضع وكثر نزيز الماء في دار الخلافة وامتلأت السراديب فكان الخليفة يخرج من باب الفردوس إلى ناحية الديوان فيمضيَ إلى الجامع ونبع الماء من البحرية فهلكت كلها وغلقت أبوابها ونبع في دار البساسيري ودرب الشعير من البلاليع وانهدمت دور كثيرة حتى انه نفذ إلى المواضع البعيدة فوقعت آدر في المأمونية وصعد الماء إلى الحريم الطاهري بالجانب الغربي فوقعت دوره ودخل الماء إلى المارستان وعلا فيه ورمـى عـدة شبابيـك مـن شبابيكـه الحديـد فكانـت السفـن تدخـل مـن الشبابيـك إلى أرض المارستان ولم يبق فيه مَنْ يقوم بمصلحته إلا المشرف على الحوائج. فحكي أنه جمع اقطاعًا من الساج فشهدها كالطوق وترك عليها ما يحتاج من الطعام والشراب حتى الزيت والمقدحة ورقي المرضي إلى السطح وبعث بالمرورين إلى سقاية الراضي بجامع المنصـور وامتلـأت مقبـرة أحمـد كلهـا ولـم يسلـم منهـا إلاموضـع قبـر بشر الحافـي لأنـه على نشزوكان مَنْ يرى مقبرة أحمد بعد أيام يدهش كأن القبور قد قلبت وجمع الماء عليها كالتل العظيم من العظام وكالتل من ألواح القبور وأسكرت الحربية والمشهد ووقع أكثر سور المشهد ونبع الماء من داخله الماء فرمى الدور والترب ووقعت آدر بالحربية من النزيز وامتلأ الماء من دجلة إلى سور دار القز وكان الناس ينزلون في السفن من شارع دار الرقيق ومن الحربية ومن الحربيـة ومـن درب الشعيـر وامتلـأت مقبـرة بـاب الشـام ووقـع المشهد الذي على باب النصرية ووصل المـاء مـن الصـراة الـى بـاب الكـرخ وكـان النـاس قـد وطئـوا التلـال العالية وهلكت قرى كثيرة ومزارع لا تحصى. وخرجت يوم الجمعة خامس عشرين رمضان إلى خارج السور فإذا قد نصب لخطيب جامع وجاء يوم الخميس حادي عشرين رمضان بعد الظهر برد كبار ودام زمانًا كسر أشياء كثيرة وتوالت الأمطار في رمضان والرعود والبروق. وفي يوم الجمعة ثاني عشرين رمضان: جعل مسجـد التوثـة جامعـًا وأذن فـي صلـاة الجمعـة فيه فأقيمت فيه الجمعة يومئذ ثم عاد الماء في يوم السبـت ثالـث عشريـن رمضـان إلـى الزيـادة الأولـى علـى غفلـة ثم زاد عليها وجاء يومئذ مطر عظيم وانفتح القورج والفتحة التي في أصل دار السلطان وغلب الماء فامتلأت الصحراء وضرب إلى باب السور وضربوا الخيم على التلال العالية كتل الزبابية وتل الجعفرية وتعد الناس ينتظرون دخـول الماء إلى البلد وعم الماء السبتي والخيزرانية وعسكر أهل أبي حنيفة فجاءهم الماء من خلف القرية وجامع المهدي فوقعت فيه أذرم ونبع الماء من دار الخليفة من مواضع وهدم فيها دور كثيرة وملأ السراديب وانتقل جماعة مـن الخـدم إلـى دور فـي الحريـم وامتلـأت الصحـارى وعبـر خلق كثير إلى الكرخ وتقطر السور وانفتحت فيه فتحات وكان الناس يعالجون الفتحة فإذا سدوها انفتحت أخرى وكثر الضجج والدعاء والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى وغلا الخبر وفقد الشوك واخذ أصحاب السلطان يقاوون القورج ويجتهدون في سده وأقامـوا القنـا وفي أسافله الحديد في الماء ونقلوا حطبًا زائدًا عن الحد والماء يغلبهم على جميع ذلـك إلـى ان سـده سكـار حـاذق فـي سابع شوال. واسكر جانب السور لئلا يتمقطر وأقام الماء خلـف السـور نحـوًا مـن شهر ونصب على الخندق الذي خلف السور جسر يعبر الناس عليه من القرى إلى بغداد. وجـاءت فـي هـذه الأيـام أكلـاك مـن الموصـل فتاهـت فـي المـاء حتـى بيـع مـا عليهـا ببعقوبا بثمن طفيف وأخبـر أهلهـا بمـا تهـدم مـن المنـازل بالأمطار في الموصل وقالوا اتصلت عندنا الامطار أربعة أشهر فهدمت نحو ألفي دار وكانوا يهدمون الدار اذا خيف وقوعها فهدموا أكثر مما هدم المطر وكانت الدار تقع على ساكنيها فيهلك الكل ثم زادت الفرات زيادة كثيرة وفاضت على سكر عندها يقـال لـه سكـر قنيـن وجـاء المـاء فأهلـك مـن القـرى والمـزارع الكثيـر ثـم جـاء إلـى الجانـب الغربي من نهر عيسـى والصـراة وأسكـر أهـل دار القـز وأهـل العتابيين وباب البصرة والكرخ وباتوا مدة على التلال يحفظـون المحـال وقـد انبسـط المـاء فراسخ ومر خلف المحال فقلب في الخندق والصرة ونهر عيسى ورمى قطعة من قنطرة باب البصرة. ومن العجائب أن هذا الماء على هذه الصفة ودجيل قد هلكـت مزارعـه بالعطـش ووقـع الموتـان فـي الغنـم وكان ما يؤتي به سليمًا يكون مطعون حتى بيع الحمـل بقيـراط ومـرض النـاس مـن أكلهـا ثـم غلـت الفواكـه فبيـع كـل من من التفاح بنصف دانق وكذلك الكمثرى والخوخ حتى غلا الطين الذي من المقالع. وبلغ الآجر كل ألف بثلاثة دنانير ونصف وتوفـي فـي هـذه السنـة محمـود بـن زنكـي فتجـدد بعـد موتـه اختلـاف بحلـب بيـن السنـة والشيعة فقتل. أحمد بن علي بن المعمر بن محمد بن عبيد الله أبو عبد الله الحسيني نقيب النقباء العلويين وكان يلقب: بالطاهر سمع الحديث الكثير وقرىء عليـه وكـان حسـن الاخلاق جميل المعاشرة يتبرأ من الرافضة توفي ليلة الخميس العشرين من جماس الآخرة ودفن بداره من الحريم الطاهري مدة ثم نقل إلى مشهد الصبيان بالمدائن ولما توفي ولي مكانه ولده الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن محمد العطار أبو العلاء الهمذاني سافر الكثير في طلب العلم وقرأ القرآن واللغة وقدم بغداد فأكثر من السماع وحصل الكتب الكثيـرة وعـاد إلـى بللـى همـذان فاستوطنهـا وكـان لـه بهـا القبـول والمكانة وصنف وكان حافظا متقنًا مرضـي الطريقـة سخيـًا وانتهت إليه القراآت والتحديث وتوفي ليلة الخميس عاشرجمادى الآخرة من هذه السنة وقد جاوز الثمانين بأربعة أشهر وأيام. قـال المصنـف: وبلغنـي أنـه رئـي فـي المنـام فـي مدينـة جميـع جدرانهـا من الكتب وحوله كتب لا تحد وهومشتغل بمطالعتها فقيل له ما هذه الكتب قال: سألت الله ان يشغفنى بما كنت اشتغل به في الدنيا فأعطاني. ورأى له شخص آخر أن يدين خرجتا من محراب مسجد فقال ما هذه اليدان فقيل هذه يدا آدم بسطها ليعانق أبا العلاء الحافظ قال وإذا بأبي العلاء قد أقبل قال فسلمـت عليـه فـرد علي السلام وقال: يا فلان رأيت ابني أحمد حين قام على قبري يلقنني أما سمعت صوتي حين صحت على الملكين فما قدرا ان يقولا شيئًا أفرجعا رستم بن شرهيك أبو القاسم الواعظ سمع الحديث وتعلم الرعظ من شيخنا أبي الحسن الزاغوني وأقام بشارع رزق الله وكان يعظ بجامع بهليقاَ توفي يوم الثلاثاء سادس عشرين ربيع الأول من هذه السنة عن ستين سنة تقريبًا ودفن بباب حرب ابن الأهوازى خازن دار الكتب بمشهد أبي حنيفة توفي في ربيع الأول جاء من محلته إلى البلد فاتكأ على دكة فمات وكذلك مات أخوه وأبوهما فجاءة. ولـي الشـام سنيـن وجاهد الثغور وانتزع من أيدي الكفار نيفًا وخمسين مدينة وحصن منها الرها وبنـى مارستـان فـي الشـام أنفـق عليـه مالًـا وبنـى بالموصـل جامعًا غرم عليه ستين ألف دينار وكان سيرته أصلح من كثير من الولاة والطرق في أيامه آمنة والمحامد له كثيرة وكان يتدين بطاعة الخلافـة وتـرك المكـوس قبـل موتـه وبعـث جنـودًا افتتحـوا مصر وكان يميل إلى التواضع ومحبة العلماء وأهـل الديـن وكاتبني مرارًا واحلف الامراء على طاعة ولده بعده وعاهد ملك الافرنج صاحب طرابلس وقد كان في قبضته أسيرًا على ان يطلقه بثلثمائة ألف دينار وخمسين ومائة حصان وخمسمائة زردية ومثلها تراس افرنجية ومثلها قنطوريات وخمسمائة أسير من المسلمين وانه لا يعبر على بلاد الاسلام سبع سنين وسبعة أشهروسبعة أيام وأخذ منه في قبضته على الوفاء بذلك مائة من اولاد كبراء الافرنج وبطارقتهم فان نكث اراق دماءهم وعزم على فتح بيت المقدس فوافته المنية في شوال هذه السنة وكانت ولايته ثمانية وعشرين سنة وأشهرًا يحيى بن نجاح المؤدب سمع الحديث الكثير وقرأ النحو واللغة وكان غزير الفضل يقول الشعر الحسن توفي في أواخر هذه السنة.
|